النوم المنتظم للمراهقين: تأثيره العميق على الدماغ والأداء الإدراكي

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعتي كامبريدج وفودان في شنغهاي نتائج بالغة الأهمية حول نوم المراهقين وتأثيره المباشر على وظائف الدماغ وقدراتهم الإدراكية. فقد توصل الباحثون إلى أن المراهقين الذين يحافظون على نوم منتظم ويحصلون على قسط كافٍ من الراحة الليلية يتمتعون بمهارات إدراكية متفوقة وأداء أكاديمي أفضل مقارنة بأقرانهم الذين يعانون من قلة النوم أو النوم غير المنتظم.
استندت الدراسة إلى تحليل بيانات شاملة لـ 3200 مراهق تتراوح أعمارهم بين 11 و 12 عامًا. تم تتبع أنماط نوم المراهقين بدقة باستخدام أجهزة “فيت بيت”، مما سمح للباحثين برصد دقيق لمدة ساعات النوم وتوقيته. بالإضافة إلى ذلك، خضع المشاركون لفحوصات دماغية متقدمة لقياس حجم الدماغ ونشاطه، إلى جانب اختبارات لتقييم مختلف جوانب الأداء الإدراكي.
كشفت نتائج الدراسة بوضوح عن وجود علاقة قوية بين النوم المنتظم ووظائف الدماغ لدى المراهقين. فقد تبين أن المراهقين الذين ينامون بمعدل 7 ساعات و 10 دقائق يوميًا ويحافظون على هذا الروتين يحققون نتائج أفضل بشكل ملحوظ في اختبارات المهارات الإدراكية، ويظهرون زيادة في حجم الدماغ وتحسنًا في نشاطه العام.
وأكد الباحثون على الدور الحيوي للنوم المبكر في دعم صحة الدماغ، حيث يسمح بالتخلص الفعال من السموم المتراكمة وتعزيز الاتصالات العصبية الهامة للتعلم والذاكرة وحل المشكلات. كما سلطت الدراسة الضوء على أهمية النوم الكافي في تعزيز الجهاز المناعي وتحسين الصحة العقلية للمراهقين، في حين أن قلة النوم أو النوم المتقطع يرتبط بضعف القدرات الإدراكية وزيادة خطر المشكلات النفسية.
ولتوضيح تأثير أنماط النوم المختلفة، قسمت الدراسة المشاركين إلى ثلاث مجموعات:
- المجموعة الأولى (39%): تميزت بنوم منتظم بمعدل 7 ساعات و 10 دقائق مع الذهاب إلى الفراش مبكرًا، وأظهرت هذه المجموعة أعلى مستويات الأداء الإدراكي.
- المجموعة الثانية: عانت من قلة النوم (حوالي 6 ساعات) والنوم في أوقات متأخرة، وكان أداؤهم الإدراكي أضعف بشكل ملحوظ.
- المجموعة الثالثة: على الرغم من حصولهم على ساعات نوم أطول، إلا أن عدم انتظام أوقات النوم أثر سلبًا على وظائف الدماغ لديهم.
تشير نتائج هذه الدراسة الهامة إلى أن العديد من المراهقين، حتى في المجتمعات التي تولي اهتمامًا بالصحة، لا يحصلون على الكمية الموصى بها من النوم (8-10 ساعات). وهذا يؤكد على الحاجة الملحة لزيادة الوعي بأهمية النوم المنتظم والكافي وتأثيره العميق على التطور العقلي والأكاديمي والصحة العقلية للمراهقين.

Comments 0