الرئيس ترامب يوقع اليوم صفقة شراء تيك توك من شركة بايت دانس الصينية

تحولت أزمة تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة إلى واحدة من أكثر القضايا الرمزية في الحرب التكنولوجية الباردة بين واشنطن وبكين، فالتطبيق، الذي بات منصة رئيسية للتواصل بين أكثر من 170 مليون أميركي، لم يعد مجرد فضاء للترفيه والمحتوى القصير، بل صار ساحة مواجهة بين اعتبارات الأمن القومي الأميركي، والطموحات التكنولوجية الصينية.
زمنذ البداية، انطلقت الأزمة من مخاوف أمنية راسخة في واشنطن، تمحورت حول نقطتين أساسيتين يعتبران أهم ما كان يقلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب:
– أولا: البيانات والأمن القومي، إذ تخشى الإدارة الأميركية أن تكون بيانات المستخدمين الأميركيين، عرضة لوصول الحكومة الصينية إليها، بموجب قوانينها الاستخباراتية.
– ثانيا: التأثير الخفي، حيث يرى المشرعون الأميركيون أن الخوارزمية، التي تتحكم بما يشاهده الجمهور، قد تتحول إلى أداة للتأثير في الرأي العام، أو حتى للتلاعب بالانتخابات.
بناءً على ذلك، صدر قانون يجبر (بايت دانس الصينية) المالكة للتطبيق، على بيع أصول تيك توك الأميركية، أو مواجهة الحظر الكامل.
وعلى مدى عامين، ظل تيك توك مهدداً بالتوقف، حيث أُقرّ الحظر في يناير 2025، قبل أن يُعلق مراراً بقرارات من الرئيس دونالد ترمب، الذي اختار استراتيجية مختلفة، وهي تحويل الأزمة إلى صفقة تجارية وسياسية، تضمن استمرار التطبيق، لكن بشروط أميركية صارمة.
ويعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقيع صفقة تيك توك الخميس 25 شتنبر 2025،، وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن البيت الأبيض، عن اقتراب إتمام صفقة بيع شركة (بايت دانس الصينية) للتطبيق، وأنّ واشنطن واثقة من أن بكين وافقت على الصفقة، ومن ثمّ لا حاجة لإجراء محادثات إضافية.
وقد أجّل ترامب تنفيذ القانون، حتى منتصف ديسمبر المقبل، ضمن جهود لاستخراج أصول تيك توك الأميركية من المنصة العالمية، وإدخال مستثمرين أميركيين، وضمان أن الملكية الجديدة تستوفي شرط الانفصال الكامل بموجب قانون 2024.
وأفاد ترامب بحسب تصريحات سابقة، بأن رجل الإعلام “لاكلان مردوخ”، ورجُلا الأعمال “لاري إليسون” و”مايكل ديل”، سيشاركون كمستثمرين أميركيين، في الصفقة المقترحة، لإبقاء تيك توك قيد التشغيل في البلاد
وبموجب الاتفاق المتوقع، ستكون أصول تيك توك الأميركية مملوكة في أغلبها لمستثمرين أميركيين، وتدار في الولايات المتحدة من قبل مجلس إدارة يتمتع بخبرة في الأمن القومي، والأمن السيبراني.
بحسب مسؤول في البيت الأبيض، ووفقاً لوول ستريت جورنال، فإن المستثمرين الحاليين، ومجموعة من الداعمين الأميركيين الجدد، من بينهم شركة الأسهم الخاصة (سيلفر ليك)، وشركة الحوسبة السحابية أوراكل، سيمتلكون معاً نحو 80% من الشركة.
كما ذكرت رويترز أن الاتفاق يتطلب تخزين جميع بيانات المستخدمين الأميركيين، على بنية تحتية للحوسبة السحابية في الولايات المتحدة تديرها أوراكل، ما يضمن الاستقلالية عن الصين، وستحصل الحكومة الأميركية على مليارات الدولارات من عوائد الصفقة كرسوم تنظيمية
والسؤال الأهم والمطروح: هل انتصرت أميركا بفرضها هيمنة تنظيمية ومالية على التطبيق؟ أم أن الصين ربحت معركة الصورة والهوية؟
من ناحية، يمكن القول إن واشنطن حققت انتصاراً مؤقتاً، بعدما أجبرت (بايت دانس) على التخلي عن سيطرتها المباشرة على العمليات الأميركية، وضمنت إشراف شركاتها على البيانات والخوارزمية، لكن من ناحية أخرى، يظل الانتصار الرمزي بيد الصين، إذ سيبقى التطبيق مرتبطاً في أذهان الملايين حول العالم، بصفته اختراعاً صينياً، وهو ولاء ذهني طويل الأمد، لا تمحوه الصفقات ولا القوانين. فجمهور تيك توك، أينما كان يعرف أنه صنيعة بكين، حتى لو أصبح تحت إدارة أميركية محلية.
ترامب قد يكون كسب الجولة مؤقتاً بإخضاع المنصة لشروطه، إلا أن الصين تحتفظ بجائزة أكبر: أنها صاحبة الفكرة التي غيّرت قواعد اللعبة عالمياً، ويبقى السؤال مفتوحاً: هل انتصرت واشنطن بفرض السيطرة، أم انتصرت بكين لأنها تركت بصمتها في وعي مئات الملايين من المستخدمين حول العالم؟

Comments 0