ترامب يفكك القوة الناعمة الأميركية ما يسمح للصين بالتمدد

منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل ثلاثة أسابيع، يعمل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إعادة تشكيل مفهوم “القوة الناعمة” الأميركية، معتمدًا على نهج يقوم على الصفقات والتحدي، ما قد يمنح الصين فرصة لتعزيز نفوذها العالمي.
تاريخيًا، اعتمدت الولايات المتحدة على استراتيجيات تجمع بين الترغيب والترهيب، إلا أن ترامب يبدو وكأنه تخلى عن “الجزرة” واكتفى بـ”العصا”، من خلال فرض رسوم جمركية جديدة، وتجميد المساعدات الخارجية، والتهديد بضم مناطق جغرافية جديدة.
تفكيك القوة الناعمة الأميركية
في مقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست، كتب المحلل السياسي ماكس بوت من مجلس العلاقات الخارجية:
“استغرق بناء القوة الناعمة الأميركية عقودًا، لكن ترامب يسعى لتفكيكها في غضون أسابيع“.
منذ اليوم الأول لرئاسته الجديدة في 20 يناير 2025، اتخذ ترامب قرارات قوية، من بينها تهديد حلفاء أميركا بفرض تعريفات جمركية، وتجميد المساعدات الخارجية، وحل شبه كامل للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، التي كانت تمثل الذراع الإنسانية لواشنطن حول العالم.
رئيستها السابقة سامنثا باور وصفت القرار في مقال بصحيفة نيويورك تايمز بأنه:
“أحد أسوأ الأخطاء وأكثرها كلفة في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية“، مشيرة إلى أن هذا القرار يمنح القادة المستبدين فرصة لتوسيع نفوذهم.
الصين تستغل الفراغ
بحسب مايكل شيفر، المسؤول السابق في USAID خلال إدارة بايدن:
“سنقف مكتوفي الأيدي، وبعد سنوات سنفاجأ بأن الصين أصبحت الشريك المفضل لأميركا اللاتينية وإفريقيا وآسيا“.
بدأت الصين بالفعل استغلال هذا التراجع الأميركي. فعلى سبيل المثال، بعد أن جمد ترامب المساعدات الأميركية، اضطرت كمبوديا إلى تعليق عمليات إزالة الألغام، لكن الصين سارعت لتوفير التمويل اللازم لاستمرار المشروع.
مفهوم “القوة الناعمة” ظهر في أواخر الثمانينيات على يد عالم السياسة الأميركي جوزيف ناي، حيث أشار إلى أن النفوذ العالمي لا يعتمد فقط على القوة العسكرية، بل يشمل الاقتصاد والثقافة والتأثير الدبلوماسي.
مخاوف من تراجع النفوذ الأميركي
على الرغم من موقف إدارة ترامب بأن الولايات المتحدة ليست مؤسسة خيرية، فإن بعض السياسيين يحذرون من تداعيات تقليص المساعدات. وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قال في مقابلة مع إذاعة SiriusXM:
“سنواصل تقديم المساعدات، لكن إنفاق 40 إلى 60 مليار دولار عليها أمر غير منطقي“.
في المقابل، يبدو أن ترامب لديه رؤية توسعية موازية، حيث هدد باستعادة السيطرة على قناة بنما، وشراء منطقة غرينلاند التابعة للدنمارك، وحتى “السيطرة” على قطاع غزة لتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”. كما صرّح بأن كندا قد تصبح الولاية الأميركية رقم 51.
هل الصين ستملأ الفراغ؟
في حديثه لصحيفة ذي غارديان، حذّر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي من أن خفض المساعدات قد يمنح الصين فرصة لتعزيز نفوذها في الدول النامية.
أما سامنثا كاستر، الباحثة في مركز AidData بجامعة وليام وماري، فترى أن بكين قد لا تزيد مساعداتها بشكل كبير، نظرًا لصعوباتها الاقتصادية. لكنها أشارت إلى أن
“الصين قد تحقق مكاسب بمجرد عدم فعل شيء، إذا تخلّت الولايات المتحدة عن دورها كشريك موثوق.”
Comments 0