العلاقات المغربية الأمريكية: شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد تتعزز عامًا بعد عام

في مشهد دولي متغير وسريع الإيقاع، تواصل العلاقات المغربية الأمريكية ترسيخ مكانتها كشراكة استراتيجية عميقة ومتنوعة، تشمل مجالات متعددة، أبرزها التعاون العسكري والأمني، إلى جانب التعاون الاقتصادي، الثقافي، والتنموي.
تحالف عسكري متين قائم على الثقة والاحترام
يُعد التعاون العسكري بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية أحد أعمدة هذه العلاقة التاريخية، حيث تتجسد هذه الشراكة في التدريبات المشتركة، تبادل الخبرات، وصفقات التسليح، وفي مقدمتها مناورات “الأسد الإفريقي”، التي تُعتبر أضخم تمرين عسكري متعدد الجنسيات في القارة الإفريقية.
تنظم هذه المناورات بشكل سنوي، وتشكل منصة لتعزيز الجاهزية القتالية، التكامل العملياتي، والاستجابة السريعة لمختلف التهديدات الأمنية، من الإرهاب إلى الكوارث الطبيعية. وقد أبان المغرب عن جاهزية عالية في احتضان هذا التمرين، مما يعكس تطور مؤسساته العسكرية وقدراته اللوجستية والتنظيمية.
وقد انطلقت نسخة 2025 من مناورات الأسد الإفريقي في المغرب يوم الإثنين 13 مايو، وتستمر إلى غاية 31 من نفس الشهر، بمشاركة أكثر 30 دولة من ضمنها دول إفريقية وأوروبية، بالإضافة إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وتشمل التمارين عمليات برية، جوية، بحرية، وتدريبات ميدانية تحاكي سيناريوهات أمنية متعددة
تحديث منظومة الدفاع المغربية
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات العسكرية المغربية الأمريكية تطورًا نوعيًا، تجلى في اقتناء المغرب لعدد من الأسلحة الأمريكية المتطورة، مثل:
•مقاتلات F-16 المطورة،
•منظومة الدفاع الجوي Patriot،
•وطائرات الهليكوبتر AH-64 Apache.
هذه الخطوات تندرج في إطار استراتيجية المغرب لتحديث جيشه وتعزيز قدراته الدفاعية، بما يتماشى مع تحديات البيئة الإقليمية و الدولية
إلى جانب التعاون العسكري، يُعد التنسيق الأمني بين البلدين عنصرًا محوريًا في مواجهة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، خاصة في منطقة الساحل والصحراء.
أبعاد اقتصادية وتنموية
على الصعيد الاقتصادي، يُعد المغرب الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة في شمال إفريقيا. ويستفيد البلدان من اتفاقية التبادل الحر الموقعة سنة 2004، والتي مهدت الطريق أمام استثمارات أمريكية ضخمة في قطاعات السيارات، الطيران، الفوسفاط، والطاقات المتجددة.
كما تدعم واشنطن جهود التنمية بالمغرب عبر برامج مؤسسة تحدي الألفية (MCC) ووكالة التنمية الأمريكية (USAID)، في مجالات التعليم، التكوين المهني، وتمكين الشباب والنساء.
تقارب ثقافي وحضاري
أما ثقافيًا، فتُعد العلاقات بين الشعبين المغربي والأمريكي غنية بالتبادل والتفاعل، حيث تحتضن المملكة مؤسسات تعليمية أمريكية مرموقة، وتستقبل آلاف الطلبة المغاربة سنويًا في الجامعات الأمريكية. كما تعرف الجالية المغربية في أمريكا تطورًا لافتًا، وتُسهم بشكل فاعل في مد جسور التقارب والتفاهم بين البلدين.
شراكة تستشرف المستقبل
في ظل الأزمات الدولية المتعددة، من الحرب في أوكرانيا إلى التحديات المناخية والإرهاب، يبدو أن الشراكة المغربية الأمريكية مرشحة لمزيد من التوسع والعمق، مستندة إلى إرث تاريخي مشترك وثقة متبادلة .
Comments 0