الشبكة
EN
الرئيسيةأمريكاعيد الأضحى في فرجينيا: أول عيد أضحى لي بأمريكا | الشبكة صوت الجالية المغربية بأمريكا

عيد الأضحى في فرجينيا: أول عيد أضحى لي بأمريكا | الشبكة صوت الجالية المغربية بأمريكا

صورة من مزرعة في أمريكا حيث قام مغاربة بصلاة العيد وذبح الأضحية

هذا العيد لم يكن يشبه سابقيه
هو أول عيد أضحى أعيشه بعيدًا عن عائلتي، وأول مرة أُحيي شعائره في قلب مزرعة بولاية فرجينيا. غربة مزدوجة: غربة المكان، وغربة الطقوس، لكن في الوقت نفسه، لحظة لا تُنسى، محفوفة بالإيمان والحنين والملاحظة العميقة لكل تفصيل.

توجهتُ صباح العيد إلى مزرعة نظّم فيها أحد المراكز الإسلامية صلاة العيد وذبح الأضاحي. الطريق كان هادئًا، لكن داخلي لم يكن كذلك. لم أكن أعرف تمامًا ما سأشعر به، ولا كيف سأواجه أول عيد من دون وجود عائلتي.

وصلت قبل بدء الصلاة بوقت قصير، وبدأ الناس يتوافدون في مجموعات صغيرة. امتلأت الساحة بأصوات التكبير، بملابس العيد، بضحكات الأطفال، بأصوات بلغات ولهجات متعددة. فرحة متنوّعة، لكنها صادقة.

أدّينا صلاة العيد في الهواء الطلق، بين صفوف متراصة من المسلمين، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، من خلفيات مختلفة، لكن تجمعهم النية نفسها. بعد الصلاة، انتقل البعض إلى مكان مخصص لذبح الأضاحي، وقد تم كل شيء بتنظيم دقيق واحترام تام للشريعة الإسلامية.

وقفت أراقب الأضحية من بعيد. لم يكن الموقف سهلًا عليّ، لكنه كان قويًا من الناحية الروحية. لحظة صمت داخلية، لا يملؤها إلا شعور الطاعة، والاقتراب من الله، والإحساس بأن هذا العيد مهما كان مختلفًا، يبقى عيدًا مباركًا في جوهره.

لم يكن هناك تواصل فعلي بين العائلات. كل مجموعة ظلت إلى حد كبير في إطارها الخاص. لكن رغم ذلك، كانت هناك إشارات ود خفيفة: ابتسامات، تحيات سريعة، دعوات عابرة، وأطفال يركضون من جهة لأخرى وكأنهم يجمعون حبات فرح من هنا
وهناك.
فالعيد ليس فقط مناسبة دينية، بل فرصة لنُظهر للعالم أجمل ما في ثقافتنا وتربيتنا.. أن نحتفل معًا رغم اختلاف الخلفيات
والجنسيات.

غادرتُ المكان وأنا أحمل داخلي خليطًا من المشاعر. لم يكن هناك ضجيج العائلة، ولا جلسات الضحك الطويلة، ولا الطقوس التي أُتقنها من طفولتي. لكن في المقابل، كان هناك شعور آخر: أنني قادرة، حتى من بعيد، أن أخلق لحظة عيد.
أن أزرع الفرحة، وأحافظ على شعيرة عظيمة، وأبني ذكرى جديدة، مختلفة نعم، لكنها تظل حقيقية.

قد يكون العيد هذه السنة دون عائلة، لكن ليس دون معنى. المعنى ظل حاضرًا في الدعاء، في الذبح، في السكينة التي تسبق الغروب… وفي القرار الصامت أنني، في كل مكان، سأحاول أن أكون بخير.