الشبكة
EN
الرئيسيةالرئيسيةمكتبة الكونغرس الأمريكية: تاريخ من المعرفة والتحديات، وشراكة دولية لتعزيز الثقافة الرقمية

مكتبة الكونغرس الأمريكية: تاريخ من المعرفة والتحديات، وشراكة دولية لتعزيز الثقافة الرقمية

 

تأسست مكتبة الكونغرس الأمريكية، المعروفة اختصاراً بـ LOC، عام 1800 لتكون مكتبة بحثية ومصدراً للمعرفة يخدم أعضاء الكونغرس الأمريكي. تُعد المكتبة الوطنية الأمريكية بحكم الأمر الواقع، وتعتبر أقدم مؤسسة ثقافية فيدرالية في الولايات المتحدة. تقع المكتبة في كابيتول هيل بالعاصمة واشنطن، وتمتد عبر ثلاثة مبانٍ رئيسية، إضافةً إلى المركز الوطني للمحافظة على السمعيات والبصريات في كولبيبر بولاية فيرجينيا.

  • نشأة وتطور مكتبة الكونغرس

انتقل الكونغرس الأمريكي إلى العاصمة الجديدة واشنطن في عام 1800 بعد سنوات من الاستقرار في مدن مؤقتة مثل نيويورك وفيلادلفيا. حينها، تم إنشاء مكتبة صغيرة داخل مبنى الكابيتول لخدمة أعضاء الكونغرس. لكن في عام 1814، تعرضت المكتبة لتدمير شبه كامل خلال حرب 1812 عندما هاجم الجيش البريطاني العاصمة واشنطن وأحرق معظم المجموعة الأصلية من الكتب.

من أجل استعادة المكتبة، عرض توماس جيفرسون، الرئيس السابق ومؤسس المكتبة، بيع مجموعته الشخصية، والتي كانت تشمل حوالي 6487 كتاباً تغطي مواضيع مختلفة من الفلسفة إلى العلوم والتاريخ والقانون. قبِل الكونغرس هذا العرض في عام 1815، ما جعل مكتبة الكونغرس تكتسب مكانة أكبر وتتنوع مواضيعها، لتتحول من مكتبة صغيرة تقتصر على الكتب القانونية إلى مكتبة تحتوي على مواد بحثية وثقافية.

  • تحديات التوسع والحرائق المتكررة

واجهت مكتبة الكونغرس تحديات كبيرة، فبعد فترة من التوسع البطيء، اندلع حريق آخر في عام 1851 دمر جزءاً كبيراً من مجموعة الكتب بما في ذلك بعض كتب جيفرسون. نتيجة لهذا، اتخذت المكتبة إجراءات لتعزيز حماية المجموعة وسعت لشراء بدائل عن المجلدات التي احترقت.

بعد الحرب الأهلية الأمريكية، ازدادت أهمية مكتبة الكونغرس وتوسع حجمها بشكل سريع، مما أدى إلى بناء مقر منفصل ضخم في أواخر القرن التاسع عشر. وتمكنت المكتبة بفضل قوانين حقوق الطبع والنشر من الحصول على نسخ من جميع الأعمال المحمية في الولايات المتحدة، مما ساعد في زيادة حجم مقتنياتها بشكل كبير.

  • مكتبة عالمية متعددة اللغات

تعتبر مكتبة الكونغرس اليوم من بين أكبر المكتبات في العالم، حيث تحتوي على أكثر من 170 مليون مادة تشمل 39 مليون كتاب بحدود 470 لغة، و73 مليون مخطوطة، إضافةً إلى أكبر مجموعة من الكتب النادرة، والمواد القانونية، والأفلام، والخرائط، والنوتات الموسيقية، والتسجيلات الصوتية في أمريكا الشمالية. تسعى المكتبة لأن تكون مرجعاً عالمياً شاملاً بتغطيتها لمواضيع متعددة ومن جميع أنحاء العالم، ما يجعلها مكتبة لا تقتصر على حدود ثقافية أو جغرافية.

شراكة دولية في الرقمنة: مكتبة الكونغرس ومكتبة الإسكندرية

في إطار تعزيز الثقافة الرقمية العالمية، تعاونت مكتبة الكونغرس مع مكتبة الإسكندرية ومنظمة اليونسكو لتأسيس أكبر مكتبة رقمية عالمية، تتيح للأفراد في جميع أنحاء العالم الوصول إلى مقتنيات نادرة ومعرفة ثقافية واسعة عبر الإنترنت. انطلقت هذه المبادرة من باريس تحت إشراف اليونسكو وبمساهمة أكثر من 30 مؤسسة عالمية، لتكون بوابة عالمية تتيح الوصول إلى الوثائق والخرائط والصور والمواد السمعية البصرية بلغات متعددة.

أفاد الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، أن هذا التعاون يهدف إلى نشر المعرفة وتعزيز التواصل الثقافي بين الشعوب، من خلال إتاحة الوصول الرقمي إلى وثائق تاريخية، مثل “وصف مصر”، والذي تم تحويله إلى نسخة رقمية عام 2007 ويعود تاريخه إلى الحملة الفرنسية على مصر عام 1798.

المكتبة الرقمية العالمية: جسر ثقافي بين الأمم

تعد المكتبة الرقمية العالمية، التي تشارك فيها مكتبة الكونغرس، بمثابة جسر ثقافي لتعزيز التفاهم الدولي وتقريب الثقافات المختلفة. يشمل الأرشيف الإلكتروني للمكتبة مواد نادرة من الشرق والغرب، تتضمن وثائق تاريخية، مخطوطات، خرائط، تسجيلات صوتية، وصور بسبع لغات رئيسية معتمدة لدى الأمم المتحدة.

جيمس بيلينجتون، مدير مكتبة الكونغرس السابق، عبّر عن أمله في أن تحفّز هذه المكتبة الناس على التفكير في أهمية تفاعل الثقافات المختلفة. وقد أضافت المكتبة الرقمية العالمية وثائق أميركية تاريخية كإعلان الاستقلال والدستور الأمريكي وصور الحرب الأهلية، إضافة إلى وثائق الهجرة التي تعكس تاريخ الشخصيات الأميركية الشهيرة.

  • الدور المستمر لمكتبة الكونغرس في العصر الرقمي

تواصل مكتبة الكونغرس، تحت قيادة كارلا هايدن، التي عينها الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2016، دعم الرقمنة وتوفير المواد لأعضاء الكونغرس والجمهور العام. على الرغم من أن المكتبة مفتوحة للزوار، إلا أن الاطلاع الكامل على بعض المواد يقتصر على المسؤولين الحكوميين وموظفي المكتبة. وتسعى المكتبة من خلال مشاريعها المتعددة إلى توفير المعرفة بطرق متنوعة، من خلال تقديم الخدمات البحثية لأعضاء الكونغرس وتطوير أرشيفها الرقمي لمواكبة تطورات العصر.

المصادر :مكتبة الكونغريس