عندما أصبحت المرأة الرجلَ الذي كانت تريد أن تتزوجه

“إننا أصبحنا الرجال الذين كنا نريد الزواج بهم”، هكذا قالت غلوريا ماري شتينيم التي تعد من أهم شخصيات الحركة النسوية والتي تصنّف نفسها من النسوية الراديكالية، ولعل عبارتها هذه تختزل أحد المخرجات الرئيسية لإحدى أهم المعارك التي خاضتها المرأة المعاصرة، ألا وهي معركة تحقيق الذات.
في غمرة الفوضى المفاهيميّة التي نعيشها، يكتسي مفهوم تحقيق الذات حلّة قشيبة زاهية الألوان، ولكن بعد ارتدائها قد تكتشف المرأة أنها لا تختلف عن الحلّة التي ارتداها الملك الضليل امرؤ القيس وهو في سفره طالبًا مجده وباحثًا عن ثأره، وبعد أن سرى السمّ في بدنه وجد نفسه غريبًا وحيدا.
فبعد أن تضع المرأة أسلحتها من معركة تحقيق الذات الشرسة قد تكتشف أن ثوبها الذي ألبسها إيّاه النظام المادي الجديد ما كان إلا حلة موشاة بالذهب لكنها مغموسة بالسم، وأنها بقيت غريبة ترثي نفسها كحال ذي القروح وهو يحتضر غريبًا كسيرا.
وفي ظل هذه الفوضى يكون من أهم الواجبات المعرفية تحرير المفاهيم وإخراجها من ركام التحيزات المعرفية لا سيما إن علمنا أنها تسميات ومفاهيم لا تطلق عبثًا ولا بحسن نيّة ولا تأتينا وبراءة الأطفال في عينيها، وفي ذلك تقول الدكتورة هبة رؤوف عزت “إن سياسات التسمية هي من أهم جبهات التحرر الفكري والاجتماعي والسياسي، لأن المفاهيم المغلوطة والتسميات الزور هي السجن الحقيقي الذي يعوق العقل ويحرمه من فهم العالم، ولذلك فإن كشف زيف المفاهيم.. يغدو مهمة واجبة”.
وعند حديثنا عن معركة تحقيق الذات التي تخوضها المرأة وترفع شعارها وتنافح عنها، لا بدّ من تفكيك هادئ لعدة قضايا تجلّي لنا الصورة الكاملة وتفتح لنا النوافذ على إطلالات أبعد من غبار المعركة.
Comments 0