الشبكة
EN
الرئيسيةالرئيسيةالمغرب والولايات المتحدة: شراكة استراتيجية في مرحلة جديدة من التحولات العالمية

المغرب والولايات المتحدة: شراكة استراتيجية في مرحلة جديدة من التحولات العالمية

العلاقات المغربية الأمريكية تدخل مرحلة جديدة من التعاون في سياق التحولات الجيوسياسية العالمية

بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية علاقة تتجاوز الأطر التقليدية للدبلوماسية، وترتكز على تاريخ طويل من الثقة والتفاهم الاستراتيجي. ومع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، تجد هذه الشراكة نفسها أمام مرحلة جديدة من التحديات والفرص، في عالم يعاد تشكيله بفعل التوترات الجيوسياسية والتحولات الاقتصادية.

جذور تاريخية ورؤية مشتركة للمستقبل

ما يميز العلاقة المغربية الأمريكية ليس فقط القِدم، بل التطور المستمر. المغرب كان أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة في أواخر القرن الثامن عشر، واليوم يواصل البلدان البناء على هذا الإرث عبر تعاون متعدد الأوجه يمتد من التجارة إلى التكنولوجيا، ومن الاستثمارات إلى البيئة والطاقة.

هذه العلاقة التاريخية تُمنح بعدًا جديدًا في ضوء الرهانات العالمية الحالية، حيث باتت الحاجة إلى شراكات مستقرة ومتوازنة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

الصحراء المغربية: نقطة ارتكاز في الحسابات الأمريكية

في مرحلة سابقة، اتخذت الإدارة الأمريكية تحت حكم ترامب قرارًا استراتيجيًا بالاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، ما شكّل تحولًا مهمًا في مسار النزاع حول الصحراء المغربية. وقد بات هذا الموقف مرجعًا للعديد من القوى الدولية، مع تغير نبرة الخطاب الأوروبي أخيرًا، خاصة من باريس.

وفي ظل استمرار النزاعات الإقليمية وانعدام الاستقرار في مناطق الساحل، يبرز المغرب كشريك مستقر، يمتلك رؤية تنموية واضحة، وقادر على لعب أدوار قيادية في دعم الاستقرار والتنمية جنوب المتوسط.

الرهان الاقتصادي وتحديات المرحلة المقبلة

المغرب، بحكم موقعه الاستراتيجي وانخراطه في اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، أصبح منصة جاذبة للاستثمارات، لا سيما في ظل قانون خفض التضخم الأمريكي، الذي يدعم سلاسل التوريد القادمة من دول حليفة.

وقد شكّل هذا المناخ فرصة للمغرب لتعزيز حضوره كفاعل رئيسي في سلاسل الإمداد المرتبطة بالطاقات النظيفة وصناعة السيارات، وجذب شركات عالمية، منها صينية، بحثًا عن منفذ آمن إلى السوق الأمريكية.

لكن مع احتمال إدخال تغييرات على هذه السياسات من طرف إدارة ترامب الجديدة، وخاصة إذا تزايدت التوترات مع الصين، سيُطلب من المغرب إعادة تقييم استراتيجيته الاقتصادية لضمان التوازن بين شركائه الدوليين، دون المساس بمكتسباته.

الحضور المغربي في إفريقيا: امتداد طبيعي لشراكة دولية

من خلال استثماراته المتزايدة ومبادراته القارية، خصوصًا بعد العودة إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، يسعى المغرب إلى لعب دور جسر بين إفريقيا والغرب. فمشروع “ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي” الذي أعلنه الملك محمد السادس، لا يخدم فقط التنمية الإفريقية، بل يفتح الباب أيضًا أمام شراكات أوسع مع دول كبرى مثل الولايات المتحدة.

هذه الرؤية الأطلسية، المدعومة بمبادرات ملموسة، تجعل من المغرب عنصرًا أساسيًا في أي استراتيجية أمريكية جديدة تسعى إلى تعزيز الحضور في القارة السمراء في مواجهة تمدد قوى أخرى.

خلاصة: تحالف برهانات متجددة

بين الرهانات الجيوسياسية والفرص الاقتصادية، تبرز الشراكة المغربية الأمريكية كأحد التحالفات القليلة في المنطقة القادرة على الاستمرار والتجدد، رغم تعاقب الإدارات وتبدل السياسات. المغرب، بما يمتلكه من استقرار داخلي وطموح إقليمي مدروس، يظل شريكًا موثوقًا لواشنطن، وفاعلًا محوريًا في صياغة توازنات جديدة في عالم يتغير بسرعة.