رشيد اليزمي: رائد البطاريات القابلة للشحن وعالم الكيمياء المغربي

رشيد اليزمي، عالم كيمياء ومخترع مغربي، ولد عام 1953 في مدينة فاس المغربية، ويعد من أبرز الشخصيات العلمية في العالم في مجال تطوير بطاريات الليثيوم القابلة للشحن. يُلقب بـ”رائد البطاريات” لابتكاره “أنود الغرافيت”، الذي شكل نقلة نوعية في تقنية بطاريات الليثيوم، مستخدمة اليوم في العديد من الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية.
- النشأة والتكوين العلمي
نشأ اليزمي في حي شعبي بفاس، وسط أسرة مكونة من سبعة إخوة، حيث كان والده بائعًا بسيطًا. رغم ظروفه المتواضعة، برز شغفه بالعلوم منذ صغره، وبدأ دراسته الثانوية في ثانوية مولاي إدريس بفاس. لاحقًا، التحق بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط عام 1971، إلا أن اضطراب الأوضاع السياسية آنذاك دفعه إلى مغادرة المغرب إلى فرنسا، حيث واصل دراسته في جامعة غرونوبل وتخصص في الكيمياء الكهربائية، مما مهّد لانطلاق مسيرته العلمية المميزة.
- الابتكارات الرائدة
في أواخر السبعينيات، وأثناء عمله على أطروحته في الدكتوراه، تمكن اليزمي من اكتشاف “أنود الغرافيت” لبطاريات الليثيوم، حيث ابتكر طريقة تمكّن من إدماج الليثيوم في الغرافيت بشكل عكسي، ما جعل البطارية قابلة للشحن. ويُعد هذا الابتكار من أهم إنجازات القرن العشرين، حيث ساهم في تطور البطاريات القابلة للشحن التي أصبحت جزءًا أساسيًا من حياة الناس اليوم.
كما استمر اليزمي في تطوير تقنيات جديدة لبطاريات الليثيوم؛ ففي عام 1981 طوّر مواد الكاثود لزيادة كفاءة البطاريات، ولاحقًا طوّر مواد الغرافيت المقحمة بعناصر معدنية لتعزيز فعالية البطاريات. ولعل أكثر ما يميز مسيرته هو فضوله العلمي الذي قاده إلى طرح سؤال بسيط حول إمكانية شحن البطاريات، مما أدى إلى اكتشافات غيرت مسار تكنولوجيا البطاريات بالكامل.
- مسيرته الأكاديمية والمهنية
حصل اليزمي على درجة الدكتوراه عام 1985 من جامعة غرونوبل، ثم انضم إلى المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، حيث تولى عدة مناصب بحثية وأكاديمية، كما عمل في جامعات دولية بارزة منها جامعة كيوتو اليابانية وجامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا، متعاونًا مع وكالة ناسا لتطوير بطاريات تستخدم في مهام الفضاء.
وفي عام 2007، انتقل اليزمي إلى مجال الأعمال، حيث أسس شركات متخصصة في تطوير وتسويق تقنيات البطاريات الحديثة، وكان أبرزها شركة في سنغافورة متخصصة في إطالة عمر البطاريات ورفع مستوى أمانها للاستخدامات المتعددة، بما في ذلك السيارات الكهربائية.
- الجوائز والتكريمات
نظيرًا لإنجازاته العلمية، حصل اليزمي على عدة جوائز وأوسمة عالمية، منها ميدالية “IEEE” عام 2012، ووسام الكفاءة الفكرية من ملك المغرب محمد السادس عام 2014، وجائزة “تشارلز ستارك دريبر” من الأكاديمية الوطنية للهندسة بالولايات المتحدة التي تعادل جائزة “نوبل” للمهندسين. كما منح وسام “جوقة الشرف” من الحكومة الفرنسية، وتوج بجائزة “فين فيوتشر” للطاقة عام 2023.
- الإسهامات في المغرب وتطوير الصناعة المحلية
في السنوات الأخيرة، ركز اليزمي جهوده على تطوير صناعة البطاريات في المغرب. وفي عام 2021، أسس مركزًا للبطاريات في مدينة فاس، بهدف تدريب الباحثين المحليين وتهيئة جيل جديد من الكفاءات المغربية في هذا المجال الحيوي. كما يعمل على مشروع إنشاء مصنع لإنتاج البطاريات وشواحن السيارات الكهربائية، مما سيساهم في تطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة في المغرب وأفريقيا بشكل عام.
- إرث علمي ومساهمة في الطاقة الخضراء
يشير اليزمي إلى أن هدفه الأكبر هو تعزيز الاستدامة في الطاقة عبر بطاريات صديقة للبيئة، وساهم في إنشاء منصة للطاقة الخضراء بالتعاون مع علماء بارزين في مجالات الطاقة الشمسية والبطاريات. ويتطلع اليزمي إلى مستقبل حيث تكون البطاريات أكثر كفاءة وصديقة للبيئة، ومساهمة في الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
Comments 0