المفوضية الأمريكية في طنجة معلمة دبلوماسية وثقافية فريدة

تعد المفوضية الأمريكية في طنجة (Tangier American Legation) معلمًا تاريخيًا بارزًا في المدينة العتيقة بطنجة، وهي أول مقر دبلوماسي للولايات المتحدة خارج أراضيها وأول عقار تملكه الحكومة الأمريكية خارج البلاد. تُجسد المفوضية عمق العلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة والمغرب، وتُعرف الآن رسميًا باسم “مركز البحث المغربي التابع للمعهد الأمريكي للدراسات” (TALIM). يضم هذا المركز متحفًا ومكتبة بحثية مختصة في الدراسات المرتبطة باللغة والثقافة العربية.

سجلت المفوضية ضمن السجل الوطني للأماكن التاريخية في الولايات المتحدة في 8 يناير 1981، وحصلت على تصنيف “معلم تاريخي وطني” في 17 ديسمبر 1982، لتصبح بذلك المعلم التاريخي الأمريكي الوحيد خارج الأراضي الأمريكية. وهي مدرجة ضمن قائمة الممتلكات ذات الأهمية الثقافية لدى وزارة الخارجية الأمريكية، التي تهتم بكل الممتلكات ذات البعد الثقافي والتاريخي التي تمتلكها الوزارة.

غرفة المؤتمرات

تعود ملكية هذا العقار للولايات المتحدة منذ عام 1821 حين أهداه السلطان سليمان اعترافاً بالصداقة المغربية الأمريكية التي تأسست بمعاهدة وقّعت عام 1786، والتي تُعتبر من أقدم المعاهدات الدبلوماسية الأمريكية السارية حتى اليوم. استخدمت المفوضية كمقر للقنصلية والمفوضية الأمريكية لمدة تزيد على 140 عامًا، مما يجعلها أقدم مقر دبلوماسي أمريكي في الخارج، واحتضنت خلال الحرب العالمية الثانية أنشطة استخباراتية أمريكية.

على مر السنين، شهد مقر المفوضية العديد من التحولات؛ فقد تعرضت للدمار أثناء قصف فرنسي لطنجة عام 1844 وأعيد ترميمها تقريباً بالكامل عام 1848. توسع المقر تدريجياً عبر إضافة عقارات مجاورة، ليصل إلى شكله الحالي بطراز معماري مغربي أصيل.

غرفة الطعام

بعداستقلال المغرب ونقل العاصمة الدبلوماسية إلى الرباط في 1956، لم تعد المفوضية مستخدمة لأغراض دبلوماسية. ومع ذلك، واصلت الحكومة الأمريكية استخدام المبنى في مهام أخرى، مثل مكاتب هيئة السلام، حتى تعرض للإهمال. أسست مجموعة من الأمريكيين منظمة غير ربحية للحفاظ على المبنى، وحاليًا تستأجره جمعية “تعليم” (TALIM) التي تواصل الحفاظ على تراثه بالتعاون مع الحكومة الأمريكية.

يعمل مركز “تعليم” الآن كمتحف ومركز ثقافي، ويضم وثائق تاريخية وخرائط ولوحات لعدة فنانين، بما فيهم ماغريت مكباي. كما خصصت المفوضية جناحاً كاملاً للكاتب الأمريكي الشهير بول بولز. ويقدم المركز برامج تعليمية، من بينها مبادرة لمحو الأمية باللغة العربية للنساء في طنجة، مما يبرز دوره في تعزيز التواصل المجتمعي.

مواقع