السجائر الإلكترونية: مخاطر خفية تحت غلاف “البديل الآمن”

في السنوات الأخيرة، أصبحت السجائر الإلكترونية شائعة بشكل متزايد، خاصة بين الشباب الذين يرون فيها بديلاً أقل ضررًا عن التدخين التقليدي. ومع ذلك، أظهرت الدراسات الحديثة أن هذا التصور قد يكون مضللاً، حيث تشير الأدلة إلى أن استخدام السجائر الإلكترونية مرتبط بمخاطر صحية خطيرة. فقد وجدت دراسة نشرتها المجلة الأمريكية للطب الوقائي أن مستخدمي السجائر الإلكترونية معرضون بنسبة 75% أكثر للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي مثل التهاب القصبات المزمن وانتفاخ الرئة ومرض الانسداد الرئوي المزمن. هذه الأمراض تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة وقد تتطور إلى مشكلات صحية خطيرة على المدى الطويل.
على الرغم من أن السجائر الإلكترونية تحتوي على نسب أقل من بعض المواد السامة مقارنة بالسجائر التقليدية، إلا أنها ليست خالية من المخاطر. النيكوتين، المكون الأساسي فيها، يُعتبر مادة مسببة للإدمان تؤثر بشكل كبير على الصحة العامة. فهو لا يزيد من خطر الإدمان فحسب، بل يؤثر أيضًا على الدماغ والجهاز العصبي، خاصة لدى المراهقين والشباب الذين ما زالت أدمغتهم في طور النمو. تشمل التأثيرات الجانبية الشائعة للنيكوتين ارتفاع ضغط الدم، زيادة معدل ضربات القلب، اضطرابات النوم، والقلق.
إلى جانب النيكوتين، تحتوي السجائر الإلكترونية على مواد كيميائية أخرى يمكن أن تكون خطيرة. على سبيل المثال، تُستخدم بعض النكهات التي تضيف جاذبية لهذه السجائر، لكنها تحمل في طياتها مواد مثل “الدياستيل”، وهي مادة كيميائية ارتبطت بحالة تُعرف باسم “رئة الفشار”، التي تتسبب في تلف دائم للمجاري الهوائية في الرئة. وبالتالي، فإن بخار السجائر الإلكترونية ليس مجرد بخار ماء، بل خليط معقد من المركبات الكيميائية التي قد تشكل تهديدًا للصحة.
ما يثير القلق بشكل خاص هو تزايد شعبية السجائر الإلكترونية بين الشباب والمراهقين. بفضل النكهات الجذابة والتصميم العصري، أصبحت هذه الأجهزة أكثر جاذبية لفئة عمرية قد لا تكون على دراية بالمخاطر المحتملة. تشير الدراسات إلى أن العديد من هؤلاء الشباب يبدأون باستخدام السجائر الإلكترونية بدافع الفضول، لكنهم يجدون أنفسهم عالقين في دائرة الإدمان. والأخطر من ذلك أن السجائر الإلكترونية قد تشكل بوابة للدخول في التدخين التقليدي بدلاً من أن تكون وسيلة للابتعاد عنه.
إضافة إلى المخاطر الصحية المباشرة، يمكن أن يؤدي الاعتماد على السجائر الإلكترونية إلى تأثيرات اجتماعية ونفسية. فاعتياد التدخين كوسيلة للتخلص من التوتر أو كعادة يومية قد يؤدي إلى صعوبة في التخلص من هذا النمط السلوكي السلبي. ومع استمرار الأبحاث حول الآثار طويلة المدى للسجائر الإلكترونية، هناك تخوفات من ظهور أمراض جديدة غير معروفة حتى الآن.
في ضوء هذه المعلومات، من الضروري زيادة الوعي بمخاطر السجائر الإلكترونية من خلال الحملات التثقيفية والإعلامية، خاصة بين الشباب. كما يُوصى باللجوء إلى بدائل مثبتة علميًا للإقلاع عن التدخين، مثل العلاج السلوكي أو استخدام منتجات النيكوتين تحت إشراف طبي. وأخيرًا، يجب تطوير التشريعات التي تنظم بيع السجائر الإلكترونية، خاصة تلك التي تستهدف الشباب بالنكهات الجذابة، للحد من انتشارها وتقليل مخاطرها.
Comments 0