ألباكركي: مدينة غنية بالتاريخ والتراث في ولاية نيومكسيكو الأمريكية

تعتبر ألباكركي واحدة من أبرز المدن في ولاية نيومكسيكو الأمريكية، حيث تعد الأكبر من حيث عدد السكان الذي بلغ 494,236 نسمة في عام 2005. تأسست المدينة عام 1797، وأصبحت رسميًا جزءًا من الولاية الأمريكية مع انضمام نيومكسيكو إلى الاتحاد الأمريكي عام 1912.
أصل التسمية
تعود تسمية مدينة ألباكركي إلى أصول قديمة ذات ارتباطات لغوية وثقافية. يُعتقد أن الاسم يعود إلى كلمة “البرقوقي” العربية أو “أبو القرق”، ويشير البعض إلى أن الاسم ربما نشأ من العربية وتعني “أب الفلين [البلوط]”. كما تم تكريم فرانسيسكو، دوق ألبوركيركي، الذي كان نائبًا للملك في إسبانيا الجديدة من 1653 إلى 1660، بتسمية المدينة على اسمه.
من ناحية أخرى، تقدم الفولكلور الغربي تفسيرًا مختلفًا، يربط الاسم بكلمة “ألباريكوك” الجاليكية التي تعني “المشمش”. وفقًا للأسطورة، استقر المستوطنون الإسبان في المنطقة قرب شجرة مشمش في عام 1743، مما أدى إلى إطلاق اسم “لا سيوداد دي الباريكوك”، والذي تحور لاحقًا إلى ألباكركي.
التواجد التاريخي للسكان الأصليين
سكنت شعوب تانوان وكيرز على ضفاف نهر ريو غراندي لقرون قبل وصول المستوطنين الأوروبيين. كان شعب تيوا يعيش في قريتين ضمن حدود المدينة الحديثة، وتحديدًا في مناطق سانديا بويبلو التي تأسست في القرن الرابع عشر. يُعتقد أيضًا أن شعوب نافاجو، أباتشي وكومانش قد أقاموا مخيمات في المنطقة، مما يشير إلى وجود تبادل تجاري وثقافي طويل الأمد بين المجموعات الأمريكية الأصلية.
الاستيطان الأوروبي
في عام 1706، أصبحت ألباكركي نقطة استعمارية إسبانية تُعرف باسم “فيلا دي ألبوكيركي”. ورغم مرور الزمن، تحتفظ المدينة بتراثها الثقافي الإسباني حتى اليوم. كانت ألباكركي مركزًا زراعيًا مهمًا، وموقعًا استراتيجيًا على طول طريق كامينو ريال. كما كانت المدينة مركزًا لتربية الأغنام، مما ساهم في ازدهارها الاقتصادي.
أنشأت إسبانيا حامية عسكرية (بريسيديو) في ألباكركي عام 1706، واستمرت الحامية بعد استقلال المكسيك عن إسبانيا في 1821. بنيت المدينة على النمط التقليدي للقرى الإسبانية، حيث تحيط المباني الحكومية والمنازل والكنيسة بالساحة المركزية. ولا يزال هذا الطراز المعماري موجودًا اليوم فيما يعرف بـ “البلدة القديمة ألباكركي”، وهي منطقة مفتوحة للجمهور وتعمل كمتحف ومركز ثقافي.
الاحتلال الأمريكي وتطور المدينة
بعد الاحتلال الأمريكي لنيومكسيكو، أصبحت ألباكركي مقرًا لحامية اتحادية ومستودعًا للتموين بين عامي 1846 و1867. خلال الحرب الأهلية الأمريكية، احتلت المدينة لفترة وجيزة من قبل قوات الكونفدرالية بقيادة الجنرال هنري هوبكنز سيبلي في فبراير 1862، قبل أن تنسحب وتعيد السيطرة للقوات الاتحادية.
في أوائل القرن العشرين، شهدت المدينة تطورًا سريعًا، وارتفع عدد سكانها إلى 8,000 نسمة بحلول عام 1900. تميزت المدينة بوجود سكك حديدية وشبكة كهربائية وحرم جامعة نيومكسيكو الذي تأسس عام 1889. وفي عام 1902، تم بناء فندق ألفارادو بجوار محطة القطار، والذي ظل أحد معالم المدينة حتى هدمه في عام 1970 ليحل محله موقف سيارات. لاحقًا، تم بناء مركز ألفارادو للنقل في نفس الموقع، حيث أصبح نقطة رئيسية للنقل العام في وسط المدينة.
إرث ثقافي غنى واستمرار التوسع
لا تزال ألباكركي تحتفظ بتراثها الثقافي المتنوع الذي يجمع بين الثقافة الإسبانية، الأمريكية الأصلية، والأمريكية الحديثة. وتعد البلدة القديمة وجهة سياحية رئيسية لما تحتويه من متاحف ومعارض فنية وساحات تاريخية.
Comments 0