تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تُحدث ثورة في تشخيص سرطان الجلد

أحدث استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية نقلة نوعية في طرق التشخيص والعلاج، حيث أصبح الأطباء أكثر توجهًا لاختبار وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن ممارساتهم اليومية. فيما يخص سرطان الجلد على وجه التحديد، تتزايد التوقعات بأن تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع لتشخيص الحالات بدقة عالية، مما يعزز دعم الأطباء وطلاب الطب في هذا المجال.
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة npj Digital Medicine من جامعة ستانفورد في أبريل الماضي، أثبتت الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قدرتها على تحسين دقة التشخيص في حالات سرطان الجلد. وتُظهر هذه الأدوات تطورًا متسارعًا، ومن المتوقع أن تُعتمد بشكل واسع بعد اجتيازها الاختبارات اللازمة.
للتحقق من تأثير هذه التقنيات، قام الباحثون بمراجعة شاملة وتحليل بيانات من أكثر من 67,000 تقييم لحالات سرطان جلد محتملة، أجراها طلاب طب وأطباء، سواء بمساعدة الذكاء الاصطناعي أو دونها. وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي لا يُعد بديلًا للأطباء، بل يلعب دورًا تكميليًا يعزز الأداء التشخيصي.
وأوضح الباحث Jiyeong Kim من مركز ستانفورد للصحة الرقمية أن الدراسة قارنت بين أداء الأطباء العاملين بمفردهم وأولئك الذين استعانوا بأدوات الذكاء الاصطناعي. وكشفت النتائج أن الأطباء والطلاب الذين استخدموا الذكاء الاصطناعي تمكنوا من تشخيص 81.1% من حالات سرطان الجلد بدقة، مقابل 74.8% فقط لدى المجموعة التي عملت دون هذه التقنيات. كما تمكنت المجموعة الأولى من تحديد 86.1% من الحالات الجلدية الشبيهة بالسرطان بشكل صحيح، مقارنة بـ81.5% لدى الثانية.
أظهرت التحليلات أن جميع فئات الأطباء استفادت من استخدام الذكاء الاصطناعي، لكن غير المتخصصين في الأمراض الجلدية كانوا الأكثر استفادة. وأشار الباحثون إلى أن هذه الأدوات تحمل إمكانات كبيرة لتحسين تجربة التعليم لطلاب التخصصات الطبية التي تعتمد على التصوير، مثل الأمراض الجلدية والأشعة.
وعلّقت الدكتورة Eleni Linos، مديرة مركز الصحة الرقمية بجامعة ستانفورد وأستاذة الأمراض الجلدية، قائلة: “هذه الدراسة تقدم دليلًا واضحًا على أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعمل جنبًا إلى جنب مع الأطباء لتحسين رعاية المرضى”. وأضافت: “التكنولوجيا لا تسهم فقط في رفع دقة التشخيص وتوفير الوقت، بل تساعد أيضًا في تقليل إرهاق الأطباء وتحسين علاقتهم مع المرضى”.
تشير هذه النتائج إلى مستقبل واعد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية، وخاصة في مواجهة الزيادة الملحوظة في حالات سرطان الجلد. فقد كشفت دراسة أخرى نُشرت في مجلة BMJ Oncology عن ارتفاع إصابات السرطان لدى الأشخاص تحت سن الخمسين بنسبة 80% على مدار الثلاثة عقود الأخيرة. كما زادت حالات سرطان الجلد الميلانيني بنسبة 38% خلال العقد الماضي وحده.
تؤكد هذه الأرقام على الحاجة الملحّة لتطوير أدوات أكثر تقدمًا للكشف المبكر عن سرطان الجلد، حيث إن الاكتشاف المبكر يسهل العلاج ويزيد من فرص التعافي.
Comments 0